ads980-90 after header
الإشهار 1

المغرب في عمق افريقيا: رؤية ملكية في خطاب20غشت2016 (3)

الإشهار 2

العرائش أنفو


المغرب في عمق افريقيا: رؤية ملكية في خطاب20غشت2016 (3)



بقلم :ذ.ربيع الطاهري

 

ماسترالقانون العام تدبير الشأن العام المحلي

 

 

 

و يمكن للمغرب من خلال دوره الاستراتيجي أن يؤثر بشكل أو بآخر على التعاون الاقتصادي المهيكل للعلاقات بين القارتين رغم أنه جسد دوره بكل مسؤولية على مر التاريخ لكن الطفرة النوعية في هذا الصدد بدأت منذ ما يزيد عن العقد من الزمن، وذلك من خلال الزيارات الملكية، التي همت ما يفوق العشرين دولة الشيء الذي يعطي إشارات سياسية واضحة وقوية على أن المغرب دائما وأبدا يراهن على دوره الإستراتيجي في مد جسور التواصل مع باقي الدول الإفريقية.(6)  

ب البعد التاريخي الحضاري للمغرب في عمق افريقيا :

ان ارتباط المغرب بمحيطه المغاربي والإفريقي يتجلى في عمق الروابط التاريخية و الانتماء الى القارة الافريقية ، على الرغم من أن المغرب لا يبعد عن أوروبا إلا بحوالي 14 كيلو مترًا، فإنه لم يتنكر يومًا لهويته الإفريقية؛ بل اعتبر البعد الإفريقي عنصرًا جوهريًّا من عناصر هويته العربية/الإسلامية، مؤسسًا وليس مكملاً لها، والمقصود بالهوية الإفريقية للمغرب تلك الروابط الحضارية الضاربة في القدم؛ التي تشد المغرب إلى القارة التي ينتمي إليها؛ وهي هوية مبنية على عناصر التاريخ والجغرافيا والعلاقات الإنسانية؛ لكنها مبنية في الآن ذاته على قيم ثقافية واحدة. وعلى علاقات روحية عميقة(7) .

 ويظهرالعمق التاريخي للمغرب منذ بداية التاريخ إلى الآن، خاصة في المرحلة الإسلامية وحضور الكتابة التاريخية العربية؛ حيث كانت العلاقات الإنسانية والثقافية والسياسية والاقتصادية متميزة بالمغرب والممالك الإفريقية للعصر الوسيط والحديث: مملكة غانة ق 01 -ق 04 ، ومملكة مالي ق 01 -ق. 02 ، ومملكة سنغاي ق 09 -ق 01 . هذه العلاقات التي استمرت إلى بداية حضور الاستعمار الفرنسي بالمغارب وغرب إفريقيا جنوب الصحراء. هذا، بالإضافة إلى أن أغلب السلالات الأسرية التي حكمت المغرب حتى الآن كانت أصولها من جنوب المملكة وفي الغالب من المناطق الصحراوية أو الحدودية مع الصحراء، ومن ذلك العلاقة العضوية بإفريقيا جنوب الصحراء (8) ،و انتشر الإسلام في دول غرب إفريقيا وبلدان الساحل، كان  انطلاقًا من المغرب وعلى يد الحركات الدينية والزوايا الصوفية؛ كالزاوية التيجانية والزاوية القادرية؛ اللتين لهما بهذا الجزء من إفريقيا أتباع كثر(9) .

مع المرحلة المعاصرة، وبعد الاستقلال عن الاستعمارين: الفرنسي والإسباني، سيستثمر المغرب بشكل كبير في سياسته الإفريقية، وذلك بترسيم وزارة للشؤون الإفريقية على رأسها الدكتور عبد الكريم في الحكومة السابعة لما بعد الاستقلال 4 يونيو/حزيران 1961،كما كانت لزعماء الحركة الوطنية المغربية وعلى رأسهم الراحل المهدي بن بركة اتصالات كبيرة وتنسيق دولي من أجل استقلال الدول الإفريقية وحريتها، و في 3-7يناير1961عُقد مؤتمر بالدار البيضاء(10) كان المؤتمر يتجه إلى وضع استراتيجية موحدة من جهة، لمساعدة باقي حركات التحرر على الوصول إلى الاستقلال، ومن جهة أخرى استكمال الإعداد لمشروع الوحدة الإفريقية. شكل مؤتمر الدار البيضاء  لبنة أساس نحو المشروع الذي تم تأهيله سنة 1963مع إنشاء منظمة الوحدة الإفريقية بأديس أبابا بإثيوبيا(11) ، ومع أن المغرب كان ضمن الآباء المؤسسين للمنظمات الإفريقية الأولى (منظمات ما بعد الاستقلالات السياسية)، لاسيما منظمة الوحدة الإفريقية، فإن اعتراف هذه الأخيرة، في عام 1982، بجبهة البوليساريو، قد أسهم إلى حد كبير في تسميم العلاقات المغربية-الإفريقية؛ إذ بعد انسحاب المغرب من المنظمة في عام 1984، لم تعد الدبلوماسية المغربية تشتغل إلا عبر “أطراف صديقة” لثني المعترفين بالجبهة إلى سحب اعترافهم بها، على اعتبار أن مشكل الصحراء هو بين المغرب والجزائر، وليس بينه وبين باقي بلدان المحيط الإفريقي.

لم تتغير مواقف المغرب كثيرًا؛ بل إن الذي تغير إنما شكل المقاربة ومضامينها؛ التي ركب المغرب ناصيتها وأعطاها زخمًا كبيرًا على المستوى العملي؛ إذ لم يعد الملك يصطحب في جولاته الإفريقية “وزراء السيادة”، أو أفراد الحاشية السياسية المقربين؛ بل بات محاطًا في معظم جولاته بالوزراء ذوي الاختصاص المباشر، والمرتبط بطبيعة الزيارة، وكذا برجال الأعمال الفعليين؛ سواء من القطاعات الإنتاجية العمومية أو من القطاع الخاص، وهو ما يَظْهَر بقوة في مشاريع التعاون القطاعي، والبنى التحتية، والنقل، والاتصالات، وقطاع المصارف والتأمينات، وقطاع الصناعات الخفيفة، وما سوى ذلك بالتالي، فنحن هنا إزاء تصور “جديد” يركب ناصية الاستثمار المباشر ونقل الخبرات والمعارف، عوضًا من الارتكان إلى علاقات مبنية -كما في الماضي- على تبادل السلع الفلاحية وشبه المصنعة بين الطرفين وحريصة على الامن الروح و الاستقرار لدول القارة .

 المغرب -بهذا النموذج- لا يتطلع إلى تأدية دور الوسيط المحايد؛ بل يراهن على تكريس تعاون ثلاثي “جديد”، يندرج ضمن العلاقات شمال-جنوب وجنوب-جنوب، يستفيد منها المغرب دون شك، ويفيد منها أيضًا دول إفريقيا جنوب الصحراء؛ وذلك على شكل نقل للتكنولوجيا أو للخبرات، أو للأنماط الجديدة في تدبير المشاريع وتسيير الموارد اللوجيستية والبشرية(12).

 

 

(1):   د يحي اليحياوي استاذ جامعي بكلية محمد الخامس بالرباط “تقاير مركز الجزيرة للدرسات حول موضوع “التوجهات الافريقية الجديدة للمغرب

(2): ذ الحاج اسماعیل زرقون “المغرب العربي و الصراع الدولي معهد الحقوق، المركز الجامعي غرداية مجلة الواحات للدراسات و البحوث ص229-230

(3):  ذ الحاج اسماعیل زرقون نفس المرجع ص 229-230

(4):  ذ الحاج اسماعیل زرقون نفس المرجع ص 229-230

(5):  أبرم المغرب عدة اتفاقيات مع الولاية المتحدة بشأن تسهيل مرور القوات الأمريكية عبر القواعد الجوية المغربية، ومن بينها اتفاقية 1982 والاتفاق السري الفرنسي الأمريكي في 22 دجنبر1950 الذي يخول لأمريكا إقامة قواعد عسكرية بالمغرب.إذا يتضح من خلال ما سبق إن المغرب يأخذ في الإستراتيجية العسكرية الأمريكية مكانة متقدمة وهو الخط الأمامي في الدفاع عن أمريكا، وهذا ما أكده وزير الخارجية السابق “هنريكسنجر”الذي أكد على إن المغرب  يشكل نقطة وخطا أماميا في الإستراتيجية الأمريكية اتجاه افريقيا والشرق الأوسط، إن العلاقات المغربية الأمريكية لا تحكمها المحددات الإستراتيجية فقط وإنما تفسر بالأهمية السياسية على اعتبار أن التوجه السياسي للمغرب اتجاه القضايا الجهوية والدولية غالبا ما تقاطعت  مع خيارات السياسة الخارجية الأمريكية .فالأسس التي تنبني عليها السياسة الخارجية للمغرب التي تتسم بالمرونة والاعتدال والوسيطة والتريث في اتخاذ الموافق والقرارات وانفتاحها على المنظمات الإقليمية والدولية جعلت من المغرب محط اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية، حيث نظرت إليه دائما على أنه الشريك ذا التوجه المعتد

في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذا غالبا ما كان يستشارفي المبادرات والمقاربات التي يقدمها الجانب العربي من جهة والإسرائيلي والأمريكي من جهة.

(6): ذ . نبيل بنكيران مركز الدراسات الدولية ” المغرب يجسد دائما دوره الاستراتيجي  في افريقيا بكل مسؤولية “

(7)د يحي اليحياوي استاذ جامعي بكلية محمد الخامس بالرباط “تقاير مركز الجزيرة للدرسات حول موضوع “التوجهات الافريقية الجديدة للمغرب

(8): د خالد الشكراوي “السياسة الغربية في افريقيا:المصالح الحيوية و الحسابات  الافليمية و الدولية 13 يوليوز2014

(9): د يحي اليحياوي نفس المرجع

               (10) دعا إليه المغرب مجموعة من الزعامات الإفريقية والعربية ممن كانت محسوبة على التيار التقدمي؛ حيث بالإضافة إلى المضيف الملك محمد   

                الخامس،   

               حضر كل من الرئيس جمال عبد الناصر عن مصر، والرئيس كوامي نكروماه عن غانا وفرحة عباس رئيس الحكومة المؤقتة للجزائر والرئيس موديبو

               كيتا   عن  مالي، والرئيس أحمد سيكو توري عن غينيا… وهو المؤتمر المسمى بمجموعة الدار البيضاء

               (11): د خالد الشكراوي  نفس المرجع

               (12): د يحي اليحياوي نفس الرجع

 

ads after content
الإشهار 3
شاهد أيضا
الإشهار 4
تعليقات الزوار
جاري التحميل ...
الإشهار 5