المصطفى سكم يحاور الكاتبة فاطمة الزهراء المرابط عن الادب والألم والموت

العرائش أنفو
المصطفى سكم يحاور الكاتبة فاطمة الزهراء المرابط عن الادب والألم والموت
يقول الطاهر بن جلون “الكاتب شاهد على عصره قد لا يغير نص أدبي شيئا على الأرض، لكن، في انتظار وصول القصيدة الى السلطة، فإن الأسوء هو ألا تكتب شيئا”. وألا نكتب شيئا عن السرطان وفظاعته كداء فتاك ، صامت في بداياته إلى أن يتمكن من الجسد في كليته فمعنى هذا أننا نمارس كمبدعين ومفكرين أو ككتاب …جريمة في حق الإنسان في الحياة أو على الأقل التشبت بامل إستعادتها ما دامت الفظاعة الحقيقية تكمن في سياسة الصمت والتجاهل والانزواء للعزلة أوالنأي بالجسد الخاص عن إمكانية الإصابة بالداء…من هنا يتحول المرض -أي مرض – مولد للألم والمعاناة إلى سؤال شخصي عن حقيقة الذات الإنسانية في تجربة مرضها وما تحياه وجها لوجه مع الموت كمعطى إمبريقي كان يدرك قبلها كمتحقق في الغير ليتحول إلى وعي بذاتيته كمشروع كائن ميت وكجسد سيدمره المرض…ويحفل أدبنا المغربي بالكثير من النصوص الإبداعية التي حاولت مقاربة علاقة ذوات مبدعيها بالألم وتجربة سرير الموت في القصة والشعر والرواية والتشكيل…
فكيف يمكن التفكير إبداعيا في علاقة الجسد بالألم؟
وكيف يمكن ان نحول الالم -الم الانا والغبر- إبداعيا من إحساس بالموت إلى حافز للحياة ؟
واي دور للكتابة في مقاومة الموت كاثر ؟
أسئلة حملناها إلى الإعلامية والكاتبة والمبدعة فاطمة الزهراء المرابط العضو النشيط بمكتب المسير للراصد الوطني للنشر والقراءة
كمبدعة وكامرأة كيف يمكن التفكير في علاقة الجسد بالألم؟
لا يمكنني النظر إلى العلاقة من الزاوية الطبية بالتأكيد لكنني وبحكم اهتمامي، أكاد أجزم أن الألم كان من بواعث إنتاج العديد من الأعمال الإبداعية العظيمة. حيث لا تقتصر العلاقة بين الألم والجسد على الجانب الجسدي بل تتعداه إلى المخلفات النفسية والأسئلة الوجودية.
وكيف يمكن تحويل طبيعة الألم – ألم الأنا أو الغير- إبداعيا من إحساس بالموت إلى حافز للحياة؟ أي دور للكتابة في مقاومة الموت كأثر؟
كثيرا ما يكون الألم دافعا للإبداع ومصدرا للإلهام والخيال الخصب، سواء كان هذا الألم يخص الأنا أو الغير، عبر تطويع القدرات الإبداعية والفنية واللغوية، لتجسيد الألم والأوجاع في أعمال إبداعية سردية أو شعرية، أعمال تضم بين دفتيها معاناة الجسد مع المرض والألم والعنف الذي يطاله لفترات قصيرة او طويلة.
ويزخر الأدب والفن العالمي والعربي بثلة من الكتاب والفلاسفة والفنانين الذين جعلوا من الألم ومعاناته وقودا وطاقة للاستمرار والعطاء الإبداعي، مثل الشاعر نوفاليس الذي قال: “ألا يمكن أن يكون المرض وسيلة للتأليف الأرقى حساسية” وقال الفيلسوف نيتشه: “لم أشعر مطلقا بأنني أكثر سعادة إلا في فترات حياتي الأشد مرضا، فترات الألم العظيم” ونجد أيضا مجموعة من المبدعين والفنانين مثل: توماس، موزارت، شومان، السياب، درويش، دينكنز، حنا مينة، بيتهوفن، مليكة مستظرف،… وغيرهم. ممن أضاءت الأحزان والآلام دروبهم فخلفوا لنا بعد رحيلهم روائع خالدة في الإبداع الأدبي والفني.
وإن كانت سيدة الحكي شهرزاد أجلت موتها لمدة ألف ليلة وليلة، فإن الكتابة عن الألم هي تشبت بالحياة، ووسيلة لتأجيل الموت. عندما يكتب الكاتب عن آلامه أو معاناة الآخر، فإنه يخفف بذلك وطأة الألم عنه، ويساهم في نشر مجموعة من الرسائل الانسانية التي يتضمنها إبداعه، سعيا منه إلى إشراك المتلقي في معاناة الآخر أو توعيته بخطر مرض ما وضرورة الوقاية منه، كما تسلط الضوء على المعاناة التي يعيشها المريض بكل حيثياتها وتفاصيلها الدقيقة. وبذلك يخلد الإبداع حياة الكاتب بعد الفناء، فعندما يعانق الكاتب الحروف يضمن استمرارية وجوده رغم الموت، لأن الأعمال الأدبية التي يخلفها الكاتب وراءه تظل حية وتظل حروفه وأفكاره ومواقفه حية معها.