المصطفى سكم يحاور الدكتورة الشاعرة فاطمة مرغيش

العرائش أنفو
حوارات المصطفى سكم عن الأدب والألم والموت
مع الدكتورة الشاعرة فاطمة مرغيش
في يومي الثامن من الحملة التحسيسية للوقاية من داء السرطان، وفي إطار محاولتي المتواضعة اثارة الإشكاليات المسكوت عنها والتي تستدعي التفكير بصوت مسموع سواء كانت ذات طبيعة ثقافية ، إجتماعية ، سيكولوجية أو حتى سياسية…أستحضر الكثير من المفكرين والأدباء والشعراء الذين ابتلوا بهذا المرض وجعلوا من آلامهم ومعاناتهم القاسية وإراديتهم من أجل الحياة حوافز للمقاومة فكانت إبداعاتهم تنطق بحياة جوانية تعتصر ألما وأملا ، لذا فإن التفكير في الألم كلغة للجسد المريض أو الحال في جسد غيره المريض وفي الموت كفناء بالتقسيط للجسد وفي الكتابة كنسيج جواني ترتق نسيج خلايا تعبث بها أخرى مجنونة. جعلني أسائل بعض ممن اعرف اهتمامه بالموضوع ومن بينهم الشاعرة الدكتورة فاطمة مرغيش صاحبة ديوان ” بعد آخر ” الذي يعج بالألم والاحتراق والنزيف وجسد مقتول بهباء الانتظار ووحدها اللغة الشعرية منحت للروح حياتها وحريتها
ـ فكيف يمكن التفكير في علاقة الجسد بالألم؟ وكيف يمكن تحويل ألم الأنا أو الغير إبداعيا من إحساس بالموت إلى حافز للحياة؟.
ـ الجسد والألم ، أو مفتاح تَحوُّل الرؤى. فكلما تقيد الجسد وتقوقع بسبب ما يفرضه الألم من شروط ، كلما أشار إلى الروح أن تغير رؤيتها إلى العالم والكون، وهنا تبدأ معركة أخرى ، تُسَلَّم فيها راية القيادة إلى الروح ، لأنها أكثر قدرة على التحرر والتجرد والتجلي من الجسد، الذي يمكن أن يعجزه الألم، أن يفقده بريقه ، أن يذيبه..بينما الروح دائما لها خيارات كثيرة.لذلك تجد المتألم أكثر عمقا في تأملاته ، أكثر حكمة في حواراته..
أما عن كيفية تحويل طبيعة الألم ـ ألم الأنا أو الغير إبداعيا ـ من الإحساس بالموت إلى حافز للحياة ، فأقول : إننا لن نبحث عن طريقة ، هي الذات المبدعة وحدها التي تخلق طريقتها ، فكلما اتسعت رؤيا الذات ، كلما وجدت الحياة في مسالك كثيرة .. وما الألم ؟ إنه نتيجة معركة بين الموت والحياة ، بين الهزيمة والنصر.والذات المبدعة هي في نصر دائم، لأنها وحدها القادرة على خلق حيوات أخرى بديلة، ترى فيها النور. وبالنسبة إلي فكل قلم يتحرك بوحي من ألم الذات أو ألم الغير ، أو ريشة رسام ، أو رؤية سينيمائي .. ، يعني أن الرغبة في الحياة قائمة.ذلك أن الإبداع تطهير للروح بالدرجة الأولى ، وإفراغ لكل ثقل تحمله، والتطهير هو الخطوة الأولى للولادة من جديد، إنه بعث بعد الموت.
ـ أي دور للقصيدة في مقاومة الموت كأثر؟
إن الإجابة على هذا السؤال استكمال لما بدأناه سابقا، فالكتابة فعل الحياة ، إننا نكتب لنحيا كلما شعرنا باهتزازات وانكسارات داخلنا، سواء كانت ناتجة عن ألم المرض أو آلام الحياة بصفة عامة.والقصيدة هي رقصة الروح الشاعرة ، تقبض على لحظة إنسانية فينا ، لتخلدها وتخلدنا، تتعالى على كل أسباب الموت لتعلن عن حياتنا الأخرى التي لا يستطيع الزمن أن يضمها إلى معدوداته، فنتحدى بها الموت ، لأن هذا الأخير وإن استطاع النيل من كينونتنا المحسوسة، فلا يستطيع النيل من آثارنا المنفتحة على كل الإنساني لتصبح ملكا للجميع.
وباختصار أقول : لنجرب أن نبدع كلما حاصرنا الألم.