ads980-90 after header
الإشهار 1

“المغرب وأوربا هل هو عهد جديد؟؟”

الإشهار 2

العرائش أنفو

“المغرب وأوربا هل هو عهد جديد؟؟”

عادل امليلح

في البداية يجب أن نعترف كأفارقة ثم كمغاربة بأن أوربا لم تعد تلك الجنة الموعودة على سطح الأرض، ولم تعد قارة الرخاء، أوربا ليست سوى أزمة جيوبوليتيكية تنتظر دورها على طاولات الكبار، أو ببساطة سيدة حلوة تنتظر فارس أحلامها الروسي أو الصيني، بعدما خانها عشيقها التقليدي “الولايات المتحدة الأمريكية”، لكن ينبغي على جيران الشمال أن يعلموا ويتعلموا بأن المغرب لم يعد ذلك الطفل الصغير الذي عليه القبول بالطاعة لدول بدأت تغيب عنها الشمس، لقد اختارت أوربا طريقها الخاطئ وهي تنظر لدول جنوب المتوسط نظرة استعلاء، نظرة غارقة بمشاعر الأمس، أو كخلفية جيواستراتيجية كلاسيكية محسومة المآل، بينما الحقيقة التي لا غبار عليها هي أن الاتحاد الأوربي تحول إلى رجل مريض جدا يستعصي على العلاج والشفاء، من المدهش أن المرض العضال الذي ضرب الإمبراطورية العثمانية ها هو يضرب أوربا!! صحيح ما قاله “سعيد بوريطة” فمغرب الأمس قد ولا، مغرب الاملاءات السلطوية والمزايدات المتعالية، إن المغرب ببساطة لم يعد ينظر لأوربا تلك النظرة الساذجة باعتبارها الأخ الكريم الذي يمد يده البيضاء، فقد فهمنا جيدا كيف أن الدول الأوربية تعمل على استدامة الصراع والانقسامات بين دول منطقة جنوب المتوسط من خلال احتضان العديد من الأصوات المناهضة للمصالح العليا للوطن والداعية للتطرف، ولم يعد للمغرب تلك العلاقات المباشرة مع قوى ثانوية تجاوزها التاريخ، بل صار يمد يده مباشرة لمن يصنع القرارات الدولية، يجب على الأوروبيين أن يدركوا جيدا أن عهد الطموح الاستغلالي تجاه افريقيا والأفارقة قد إنتهى أمام تزايد النفوذ الصيني والأمريكي والروسي.. والجذير أن السياسية الدولية بدأت فعلا تنفلت من قبضة الأوربيين تماما، وأن مركز ثقل التاريخ أخذ مسارات ضخمة تفوق مقدرة أوربا، فلم تعد السياسية الأوربية غير خربشات طفل قصير اليد أمام لوحات باهرة يرسمها العظام، ولنا في الملف النووي الإيراني عبرة!! ولم يعد المغرب الجدار القصير للتطاولات الرخيصة التي مارستها أوربا دوما عليه.. ولا أشك أن بعض الفرقاء الأوروبين أصبحوا أمام سياسة أمر الواقع التي فرضتها المعادلات الجيوستراتيجية الجديدة، مما لا شك فيه أن أوربا في حاجة لمن يعيد كتابة تاريخها بالتصور “البروديلي” ذاته، تاريخ في عهد زعامات تنتظر دورها في مقصلة الفصل، وأوربا اليوم ليست مختلفة عن أوربا الأمس بالمعايير الإنسانية، ما تزال العديد من الدول الإفريقية تعاني من النهب والسلب، وما تزال صور ذلك الوجه الأوربي القبيح قائما في أبشع صوره في العديد من بلدان العالم، لن تستطيع الدول الأوربية غسل إرثها الاستعماري البشع، لذلك لا يستغرب الإنسان من مواقف هذه الدول التي تناصر السرقة والنهب والاستلاب تجاه دول ضعيفة ومستنزفة، وأوربا القوية والعظيمة يمكن أن تتبخر اليوم بمحض قرار زعيمين أو ثلاثة وربما واحد، وإذا كانت أوربا تدفع ملايير الدولارات لحلف “الناتو” لتحمي نفسها من جيرانها الأقوياء، فإن المغرب ليس أقل أهمية، فهو يمتلك سلاحا استراتيجيا، ذلك أنه يمكن بين ليلة وضحاها أن يقلب الموازين الديموغرافية والعرقية في أوربا، لذلك يجب على هذه الدول أن تحترم نفسها، وأن تدفع لنا سنوات من النهب وسنوات لعب فيها المغرب دور الشرطي والدركي تجاه ظاهرة الهجرة من خلال صد تيارات من المهاجرين، عليهم أن يدفعوا جيدا، لكي ينعموا بالراحة، لا تلعبوا مع المغرب لعبة البيادق، ولم تكن يوما نظرة الأوربيين للمغرب ساذجة، بل كانوا دائما في أقوى استعدادهم وطموحهم القبيح للمتاجرة بقضايانا الوطنية والتاريخية، تعتقد أوربا وخاصة إسبانيا أنها ستحافط على المغرب في دائرة متحكم فيه لتملي علينا نزواتها العارضة، وبعدنا عن حسابات الجغرافيا، وهي لا تدرك أن المغرب تحول لبلد خيارات، بعدما أدرك أن الإعتماد الكلى على الدول الأوربية هو إنتحار اقتصادي وسياسي، فمواقف هذا الأخير غير ثابثة وغير واضحة، كما أن كل الأزمات الدولية يسهل تصريفها له، ولا شك أن ذلك كان جليا في الأزمة المالية لسنة 2008 ثم مع انتشار جائحة كورونا التي نعيش احداثها ليومنا هذا، وعلى الأوربيين كذلك أن يتعلموا حسن الجوار، وأن يعرفوا أين يلقوا بأقدامهم، لكي لا يغرقوا في الوحل، الذي بات يحيط بهم من كل حذب وصوب، إنه عهد التوازنات، وعهد الاحترام والالتزام في العلاقات الدولية، وليس عهد التسيب، فأمن أوروبا مرهون بأمن المغرب، وأن أي حدث عارض في المغرب سيلقي انعكاسه في أوربا المنهوكة التي باتت تقتات على أفكار اليمين المتطرف الذي يقودها نحو الموت، بأن يعيد إحياء كل التطاحنات والصراعات التي لم تمت وإنما ما تزال نائمة في سبات شتوي رغم كل هذه الخطابات الرنانة حول الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية، وما تصريحات الرئيس الفرنسي الأخيرة اتجاه المسلمين خاصة المقدمين في الدول الاوربية غير صورة بسيطة “لسلفية” الحروب المقدسة ومحاكم التفتيش التي ما تزال تعشش في أذهان الزعامات الأوربية، فيد المغرب بيضاء ممدودة، والمغاربة أصحاب صدر رحب، وقاعدتهم الإخاء والضيافة والكرم وحسن الجوار.. لكنهم غلاظ جدا على من يساوم على أرضهم وتراثهم، فهم في ذلك يصطفون ويتكاتفون خلف ملكهم وخلف قائدهم، مهما كانت النوازع والخلافات، تفرقنا السياسية وتجمعنا تربة الوطن.

ads after content
الإشهار 3
شاهد أيضا
الإشهار 4
تعليقات الزوار
جاري التحميل ...
الإشهار 5