إسرائيل كذراع الغرب: محور الهيمنة والحرب في الشرق الأوسط

إسرائيل كذراع الغرب: محور الهيمنة والحرب في الشرق الأوسط
العرائش أنفو
منذ نشأتها، لم تكن “إسرائيل” مجرد كيان سياسي عادي، بل أداة استراتيجية في يد القوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، لتحقيق توازنات تخدم مصالحها في منطقة الشرق الأوسط. هذا الكيان لم يُقم فقط على أرض مغتصبة، بل تأسس ضمن مشروع استعماري أكبر هدفه تفتيت المنطقة ومنع أي نهوض عربي أو إسلامي يعارض الهيمنة الغربية.
الوظيفة التي تؤديها “إسرائيل” تتجاوز الدفاع عن نفسها، فهي تعمل كذراع عسكري متقدم للغرب، ينفّذ ضربات ويوجه رسائل باسم واشنطن والعواصم الأوروبية. كل عملية اغتيال، وكل عدوان على غزة أو لبنان أو سوريا، هو ليس قراراً إسرائيلياً خالصاً، بل يأتي في سياق تنسيق استراتيجي يتم من داخل غرفة عمليات موحدة، حيث تتقاطع المصالح الأمنية والعسكرية بين تل أبيب وواشنطن ولندن وبرلين وباريس.
إسرائيل وحركات المقاومة: مواجهة ممنهجة
واحدة من أهم وظائف “إسرائيل” هي ضرب أي قوة مقاومة في المنطقة تُهدد المشروع الغربي – سواء كانت هذه المقاومة فلسطينية، لبنانية، سورية، أو حتى في أماكن أبعد. هذا الصراع ليس نزاعًا حدوديًا ولا مجرد صراع ديني، بل هو مواجهة مفتوحة بين محور المقاومة ومحور الهيمنة.
كلما حاولت قوى المقاومة أن تُحقق توازنًا أو تبني ردعًا، تحركت “إسرائيل” لضرب هذا التقدم، تحت غطاء دعم “الأمن القومي” و”حق الدفاع عن النفس”، بينما الواقع هو تنفيذ استراتيجية الغرب الكبرى: إبقاء المنطقة ضعيفة، مشغولة بالحروب، وغير قادرة على اتخاذ قرار مستقل.
الحرب الحالية: استراتيجية لا عرضية
في هذا السياق، تأتي الحرب القائمة اليوم، سواء في غزة أو على حدود لبنان أو في الاشتباك المفتوح مع إيران، كحلقة من مشروع مستمر. هذه ليست حروبًا طارئة أو ردود أفعال، بل خطوات محسوبة ضمن خطة بعيدة المدى تهدف إلى كسر الإرادة الشعبية وإسقاط القوى التي ترفض الهيمنة الغربية.
لكن التحولات الأخيرة تشير إلى أن هذا المشروع لم يعد يعمل كما كان. فمحور المقاومة أصبح أكثر تنسيقًا وقدرة، وبات يملك أدوات ردع استراتيجية، سواء على مستوى الصواريخ الدقيقة أو القدرات السيبرانية أو حتى النفوذ الإقليمي والشعبي.
إيران والرد المنتظر: نقطة تحول في ميزان القوى
الرد الإيراني المرتقب على العدوانات الإسرائيلية المتكررة، وخصوصًا بعد استهداف قادتها داخل الأراضي السورية أو الإيرانية نفسها، ليس مجرد انتقام، بل قد يكون نقطة تحول في معادلة الردع الإقليمي. طهران لن تقبل أن تبقى ساحة مستباحة، وردها سيكون محكًا لجدية توازن القوى الجديدة.
إذا نفّذت إيران ردًا نوعيًا ومباشرًا، فإننا أمام مرحلة جديدة قد تنقل الصراع من المواجهة غير المباشرة إلى المواجهة المفتوحة، ما سيضع “إسرائيل” والغرب أمام معادلة لم يعتادوا عليها: أن تُضرب تل أبيب كما تُضرب دمشق وبيروت وغزة.
خاتمة: نحو شرق أوسط جديد خارج الوصاية
إن التحولات الجارية اليوم تؤكد أن الشرق الأوسط يتغير. لم يعد بالإمكان فرض الهيمنة الغربية كما كان الحال بعد الحرب الباردة. الشعوب لم تعد تقبل الاحتلال والهيمنة، ومحور المقاومة أصبح رقمًا صعبًا في معادلة الإقليم.
المستقبل مرهون بقدرة هذه القوى على فرض معادلات جديدة قائمة على الكرامة والسيادة، لا على الإذعان والتبعية. و”إسرائيل”، مهما بلغت قوتها العسكرية، تبقى كيانًا هشًا يعيش على الدعم الغربي، ومع تراجع هذا الدعم تدريجيًا، فإن المشروع الصهيوني سيواجه مصيره الحتمي.
خالد بورواين