قراءة في مقال الدكتور جليل برادة: “ماذا ينتظر المغاربة من خطاب الملك يوم الجمعة المقبل”

قراءة في مقال الدكتور جليل برادة: “ماذا ينتظر المغاربة من خطاب الملك يوم الجمعة المقبل”
العرائش أنفو
بقلم سعيد ودغيري حسني
حين يكتب الدكتور جليل برادة عن الخطاب الملكي المنتظر فإنه لا يتحدث عن موعد سياسي فحسب بل عن لحظة وعي جماعي لحظة تتقاطع فيها الأسئلة بالعزائم وتتعانق فيها الحكمة مع نبض الشارع في كلماته حس الطبيب ودقة المفكر وإحساس الشاعر الذي يرى في الوطن جسداً عليلاً يحتاج إلى صدق في المعالجة لا إلى مسكنات من الخطابة
يستحضر برادة جيل 212 لا كرقم جامد بل كرمز لجيل يبحث عن معنى في زمن السرعة جيل يحمل هاتفاً في يده وقضية في قلبه يريد أن يرى نفسه في المرآة السياسية لا في انعكاس الشاشات يقول برادة إن الشباب لا يريد عطايا بل مفاتيح لا يريد وعوداً بل أدواراً فالوطن كما يفهمه الشباب ليس شعاراً على الجدار بل مشاركة في القرار
وفي سطور النص نبرة أبوة ملكية تحنو ولا تتنازل تشجع ولا تُدلل كأن الملك يخاطب أبناءه لا ليثني عليهم بل ليدفعهم إلى الأمام يدعوهم إلى اقتحام المؤسسات إلى أن يتركوا الميادين الصاخبة ليدخلوا إلى الساحات الهادئة حيث تُصنع القرارات فالوطن لا يعيش من الاحتجاج وحده بل من الحوار والعمل والبناء
ثم يوجّه الكاتب نقداً راقياً إلى الأحزاب التي أرهقها العجز وإلى النقابات التي نامت في ظل الشعارات وإلى مجتمع مدني فقد لياقته يقول إن هذه المؤسسات نسيت وظيفتها التربوية نسيت أن تكون مدرسة للمواطنة لا منصة للمناصب ولهذا خرجت الأصوات الشابة تبحث عن معنى خارج الأسوار
ويمضي برادة في قراءته فيذكّر بأن الإصلاح لا يهبط من السماء ولا يأتي باندفاع العواطف بل يحتاج إلى صبر البنّائين إلى وعي المزارع الذي يعرف أن البذرة لا تثمر في يوم وأن النهر لا يصل إلى البحر دون انحناءات فالتغيير ليس غضباً بل استمرارية وليس تحدياً للزمن بل عملاً في ظله
وفي عمق النص إحساس بأن الوطن في حاجة إلى لغة جديدة إلى لسان يشرح لا يبرر إلى خطابٍ يحمل الدفء والمعنى لا الجفاف الإداري فالشعوب لا تُقاد بالأوامر بل تُقنعها القصص وحين تغيب الحكاية يغيب الإيمان بالمشروع
وفي النهاية يخرج القارئ من نص برادة كما يخرج من صلاة فكرية يختلط فيها الأمل بالتأمل يرى أن الخطاب الملكي المقبل لن يكون يوماً من أيام السياسة بل يوماً من أيام البصيرة يوم يلتقي فيه الشباب بالعرش في مساحة من الثقة والمصارحة يوم يتذكر فيه الجميع أن المغرب لا يُدار بالصدفة بل بالوعي ولا يُبنى بالصوت العالي بل بالعقل الهادئ الذي يرى بعيداً ويحب كثيراً
نص برادة ليس تحليلاً سياسياً إنه مرآة لوطن يتحدث إلى نفسه بحكمة ملك وبضمير مثقف يرى في كل جيل وعداً جديداً وفي كل نقدٍ بذرةَ حبٍ للوطن