ads980-90 after header
الإشهار 1

اليد التي علمتني… -إلى روح شهيدة الواجب-

الإشهار 2

اليد التي علمتني…

-إلى روح شهيدة الواجب-

العرائش أنفو

في مدينة صغيرة هادئة، كانت تُعرف المعلمة “نجاة” بين الناس بلقب “أم النور”، لأنها كانت تنير دروب تلامذتها بالعلم والحكمة. كانت صارمة في تعليمها، لكنها محبّة، لا تقسو إلا لتبني، ولا توبّخ إلا لتصلح.
وكان أحد تلامذتها، “وديع”، فتى مضطربًا، جاء من بيئة مليئة بالإهمال والعنف. كانت “نجاة” تراه شيئًا فشيئًا ينزلق نحو الظلام: تأخر في الدراسة، بطانة سوء، سلوكات منحرفة وأعمال مشينة. لكنها لم تيأس، كانت – في قرارة نفسها- دائما ما تقول: “لا يوجد قلب لا يُصلح، فقط يحتاج إلى من يقرع عليه بحبّ”.
في أحد الأيام، واجهته أمام الصف بعدما ضبطته يغشّ في الامتحان. لم تعنفه، بل نظرت في عينيه وقالت بهدوء: “وديع”! أنت تقتل أحلامك بيدك.. وأنا أرفض أن أكون شاهدة على ذلك.”
لكن كلمتها تلك أشعلت نارًا في قلبه المملوء بالغضب والسخط. لم يحتمل أن يرى نفسه من خلال مرآتها الصادقة والصافية. وبعد أيام قليلة، في نوبة غضب وفورة سخط، ومع ساطور أخذه من منزله دون تفكير، بعدما كان والداه منهمكين في الشجار.. اعترض سبيلها خارج أبواب المدرسة.. هاجمها بلا شفقة ولا رحمة، كوحش ضار، لم ير منها شيئا إلا نظرتها الوادعة وحسرتها الصارخة..
سقطت “نجاة”، وهي لا تزال تنظر إليه بنفس النظرة: حزينة.. لكنها محبة.
.. بعد سنوات طوال أصبح “وديع” رجلاً آخر: يحاول أن يتهجى الحروف ويركب الكلمات، وينشئ جملا بسيطة، كما كانت “نجاة” تحلم أن يفعل، وبجهد جبار، لم يكن يمر -عليه- يوم دون أن يتذكر عينيها، ونظرتها الأخيرة..
أخيرا استطاع أن يكتب:
“ليتني علمت أن اليد التي امتدت لتُعلمني، هي آخر يد سأقتل بها النور في حياتي ! قتلتها، لكن نورها لا يزال يلاحقني… “أم النور” ماتت مرة واحدة، لكنني أموت كل يوم مرتين!
على جدار زنزانته.
زهير اسليماني

ads after content
الإشهار 3
شاهد أيضا
الإشهار 4
تعليقات الزوار
جاري التحميل ...
الإشهار 5