ads980-90 after header
الإشهار 1

فيروس كورونا: مارتن ستيفن ينهي عن الاستسلام للخوف العام الذي يمكن أن يصبح “خوفا من الآخر”

الإشهار 2

العرائش أنفو

فيروس كورونا: الفيلسوف الفرنسي مارتن ستيفن ينهي عن الاستسلام للخوف العام الذي يمكن أن يصبح “خوفا من الآخر”

ترجمة وتقديم: أحمد رباص

يستمر تفشي وباء الفيروس التاجي في الانتشار، مما يجبر سلطات البلدان الأكثر تضرراً على اتخاذ تدابير صارمة – الحجر الصحي لمناطق بأكملها، عزل الأفراد، إغلاق المدارس، والجامعات، وبعض الأماكن العامة، إلغاء الأحداث والأجندات – من أجل احتوائ الفيروس القاتل على أفضل وجه ممكن. أغلقت دول أخرى أراضيها بصرامة أمام المسافرين الآتين من الدول المصابة، مثل فرنسا أو إيطاليا أو إيران.

لا يخلو هذا الوضع غير المسبوق في التاريخ الحديث من موجة من الذعر طالت سكان المعمور، ما أدي في بعض الأحيان إلى سلوكات غير عقلانية. وبما أن الفلسفة لا تعطي بظهرها للأحداث الجسام التي تطرأ فجأة في اللحظة الراهنة، أرتأى موقع إخباري تابع لدولة الفاتيكان إجراء حوار مع الفيلسوف المسيحي الفرنسي مارتن ستيفن ليجيب عن مجموعة من الأسئلة التي يثيرها حدث اجتياح فيروس كورونا للعالم بأسره.

– هذا الرعب المعمم هو علامة عن ماذا، في نطرك؟

+ إنه منبه: نحن خائفون لأننا كائنات حية ولأن الكائنات الحية تتميز، كما قال هانز جوناس المؤرخ والفيلسوف الألماني (1903-1993)، بكونها ” تقول نعم للحياة ولا للموت”. عندما يقترب الموت، هناك إشارة صحية للغاية نسميها الخوف الذي ينتابنا.
الشيء المثير للاهتمام حول هذا الوباء هو أننا استطعنا أن نجعل من الحبة قبة. إنه معدي فعلا وطبعا، ولكن هناك في النهاية عدد قليل جدا من الوفيات، أقل بكثير من ضحايا الإنفلونزا العادية. ولكن عندما ننظر إليه، فإنه يكشف لنا ليس فقط النوابض التي تأتي من الغريزة الحيوية – الخوف – ولكن أيضا النوابض العميقة جدا لـ “القديم المقدس”. قديم وعلماني في نفس الوقت، لأنه مدعوم بالعلم والنظافة، إلخ.. في الواقع، لديك شيء واحد، قوة غير مرئية ومزعجة – ما يسمى بالفيروس – مما يجعل فجأة جميع تبادلاتنا إشكالية. وينطبق الشيء نفسه على المقدس الذي يركز على الطهارة. فعن طريق الاتصال، نخاطر بتدنيس أشيائنا وذواتنا. حسنا، إنه نفس الشيء هنا: بسبب هذه القوة غير المرئية الموجودة واللاموجودة، نخشى أن نتصل بما لا ينبغي الاتصال به، وأن نلمس ما لا ينبغي لمسه.
– لكن أليست عودة المقدّس في مجتمعاتنا، التي فعلت كل شيء لإجلائه، أمراً جيداً في النهاية؟

+ هناك غموض قوي جدا في المقدس. المقدس هو عكس العنف، الذي هو اتصال بدون علاقة له. المقدس هو، على العكس، علاقة متميزة عن أي اتصال أو علاقة. في الأساس، هناك شيء جميل جدا: نحن نقدس الشخص، ولا نريد أن نتواصل معه بأي شكل من الأشكال ، ونحرص على عدم انتهاك خصوصيته أو جسده.
لكن المقدّس هو أيضاً المنفصل، وهذا من جهة أخرى هو معناه الأساسي؛ هذا ما يوضع جانبا، في الحجر الصحي، كما يقال. هذا أيضا ما جاء يسوع ليكسره. يسوع هو الرب الذي دخل في اتصال مع الإنسانية لتدنيس مقدساتنا الزائفة، بما فيها مقدسات إقصائنا. لأنه في نهاية المطاف، يخلق المقدس الإقصاء، “المنبوذين”، المصابين بالجذام، أكباش الفداء.ينبغي التحلي بالحيطة والحذر. أجد أننا في الوقت نفسه نعيش في خوف على الآخر – وهذا سيكون أجمل جزء من المقدس – نخشى أن نكون حاملين للفيروس لجدتنا التي عمرها أكثر من 80 عاما في بعض الأحيان، نخاف من الآخر، ومن هنا يكون هذا المقدس القديم مزعجا شيئا ما.
– في مثل هذا السياق، الذي هو أيضا نفسه في زمن الصوم، ما الذي يجب أن يميز موقف المسيحي؟ كيف يمكنه إحداث فرق في هذا الوضع المتغير والمقلق؟

+ يجب على المسيحي أن يسمح لنفسه أن يتأثر بالعالم، بالمخاوف التي تعبره. أعتقد أن هناك نوعين من المواقف التي لا يمكن أن تكون من مواقفه: أولا أن يطل على الحشد من عل ويقول: “لست خائفا!” أو “لست خائفا من الموت”، وهو أمر غير صحيح … نحن كائنات من لحم ودم والمسيح نفسه كان يود لو مر هذا الكأس بعيدا عنه. ثم لا تستسلموا لهذا الخوف الذي سيصبح خوفا من الآخر. (…) يجب أن نحرص على أن هذه المخاوف، التي هي طبيعية للغاية، لا تؤدي إلى أشياء غير طبيعية ومرضية، كالاستبعاد والعيش في أجواء تفشي مرض الطاعون.
– شيء واحد يثير الجدل بين المسيحيين: إغلاق الكنائس في المناطق الأكثر تضررا من الفيروس، كما هو الحال هنا في إيطاليا وفرنسا. بالنسبة للبعض، لا ينبغي للكنيسة أن تخضع لمبدإ التحوط المفروض من السلطات المدنية، والبعض الآخر يخشى من العزلة الروحية التي ستكون شهادة مضادة. ما هو إحساسك؟

+ هناك خطر حقيقي: بمجرد أن يكون لدينا مجتمع يضع كل فرد من أفراده قناعا لحماية نفسه من الآخر، فسوف نفقد حقا شيئا ما. أحب كثيرا أن يقال لي إننا نموت من أمراض عصرنا: قضاء الوقت في النظر إلى ما يوجد على الطبق بدلاً من قبول دعوة من صديق وتناول ما يقدمه من أكل، هو أيضا شهادة مضادة فيما يتعلق بالعمل الخيري.
إن الإنسانية التي تهتم فقط بالحفاظ على الذات تكون قد دخلت طور الفناء. ليست هذه هي الطريقة التي نعيش بها، أو نعيش بها لفترة أطول، بل يتم ذلك من خلال خوض مغامرة الحياة بالكامل. لكن هذا لا يمكن أن يكون بدون شيء من الحذر. في حالة الوباء، يمكن للمرء أن يتحمل الفيروس دون أن تظهر عليه أعراض وينقله إلى شخص آخر أقل قدرة على التحمل.
فيما يتعلق بالكنائس، ربما تكون مليئة للغاية في إيطاليا وهذا يؤدي إلى تجمعات تضم أكثر من 5000 شخص.. ولكن في فرنسا بشكل عام، يجلس كل 3 أشخاص على مقعد طويل، حتى يتمكنوا إلى حد كبير من احترام هذه المسافة (السلامة)! إذن، حذار من هذا المقدس الآخر، مقدس الدولة، مقدس النظافة أو العلم الذي يمكن أن يباعد بيننا. علينا ألا ننسى أن المسيحيين لديهم الحد الأدنى من القداسة، وأنه لا وجود عندهم للمحرمات، وأن يسوع ذهب إلى جميع الأوساط، وسمح لنفسه بأن يلمسه جميع الناس، حتى المرأة المصابة بالبواسير – التي ما كان ينبغي لها أن تلمسه لأنها كانت تفقد الدم. يسوع المسيح، سمح لنفسه بأن تلمسه. من المهم أن نأخذ هذا في الاعتبار، دون أن نكون متهورين.
– هذه الأزمة – التي ندرك عواقبها الصحية والاقتصادية – هل يمكن أن تكون لها إيجابيات؟ ما الذي يجب أن يستيقظ عند الناس؟
ما يدهشني هو التأكيد العالم بأسره على تفضيل الحياة على الاقتصاد. بسبب فيروس أقل ضراوة من الإنفلونزا، أصيب الاقتصاد العالمي بالحمى.. ليت يغمرنا ما يكفي من الحماس للقيام بذلك، ليس للعيش اليوم ولكن للأجيال القادمة، ضد ارتفاع حرارة المناخ! توقفوا، ضعوا كل شيء، أوقفوا الآلية التي تحملنا، أوقفوا هذا الركب الذي ينقلنا. وأخيرا، نحن نفعل ذلك من أجل وباء، فلماذا لا نفعل ذلك من أجل القضايا البيئية التي تنتظرنا وتلح علينا؟ هذا مهم: لنفضل مرة أخرى الحياة على الاقتصاد. لنقلها لأنفسنا ونستغلها لنشر طرق أخرى، ربما أكثر محلية، لاختراع اقتصاد مستدام من أجل الغد.

ads after content
الإشهار 3
شاهد أيضا
الإشهار 4
تعليقات الزوار
جاري التحميل ...
الإشهار 5