ads980-90 after header
الإشهار 1

العنصرية و التمييز العنصري

الإشهار 2

العرائش أنفو

العنصرية و التمييز العنصري

محمد أبوغيور

ما سبب هذا التمييز العنصري ؟

قبل القرن السادس عشر لم يكن العالم شاعرا بالعنصر ولا العنصرية، ولم يكن لديه سبب يحمله على ذلك. ولكن حين اكتشفت أمريكا والطرق البحرية إلى آسيا، وحين ظهر الاستعمار، وصار الأوربيون يحكمون شعوبا وعناصر عدة، ويقيمون من أنفسهم طبقة ارستقراطية حاكمة، وحين ظهرت تجارة العبيد، ظهرت الحاجة عند الأوربي للتمييز العنصري..فلقد وجد الأوربيون أنفسهم أمام شعوب بسيطة تقطن مناطق واسعة غنية، فرأوا أن مصالحهم الاستغلالية تقتضي ضمان عدم مقاومة تلك الشعوب والعناصر للاستغلال الأوربي أو عرقلته. فحاربوا تلك الشعوب التي أنكرت عليهم امتلاك بلادهم حروب إبادة وإفناء، كما حدث للهنود الحمر الذين أبيد قسم كبير منهم وشرد وأزيح القسم الآخر عن كافة المناطق الساحلية والسهول الغنية في الأمريكتين الشمالية والجنوبية. واقتضت المصالح الاستغلالية عينها أن ينقل الأوربيين أعدادا ضخمة من تلك الشعوب من مواطنها إلى أماكن نائية غريبة ليتاجروا بها في المزادات العلنية وليسخروها للعمل كالماشية في المزارع والضيعات في المناطق التي تسابقوا للاستيلاء عليها في العالم الجديد، وكانت دائما أكبر من أن يستطيعوا استغلالها بمفردهم، فبدأوا ينقلون العبيد بمئات الآلاف إلى الأمريكتين الشمالية والجنوبية وجزر الهند الغربية، وهذا أصل وجود الزنوج في تلك المناطق.

لقد ادعى الرجل الأبيض تبريرا للتمييز العنصري عدم قدرة الإنسان الملون على تسيير شؤونه بنفسه، وابتكر في المجال السياسي أسطورة “الوصاية” وتمكين الشعوب المتخلفة من الوقوف على أقدامها. كما أن تصرفه في المجال الاقتصادي يمثل أبشع أشكال الاستغلال الذي لا يترك أي مجال للانتفاع الاقتصادي لأصحاب البلد الذي يستغله. والواقع أن التمييز العنصري لا يقوم إلا حين تتعرض المصالح المكتسبة للتهديد. فهو إذن : ” عداء اجتماعي وهم كالصراع بين أمتين أو مجموعتين” فإذا ما نبذت فكرة الاستغلال، أو إذا ما ساعدت العلاقات التاريخية بين العنصرين على التعاون، أو إذا كان العنصر الملون أقلية، أو حين تبذل جهود ومحاولات للمساواة الاجتماعية تقل حدة التمييز العنصري، وقد تختفي بالمرة.

التمييز العنصري لا يقوم على أسس معروفة من فروق في القابلية والعقلية بين العناصر ولكنه يقوم على أسس من فروق في المصالح الاقتصادية والاجتماعية. وليس لون البشرة ولا بقية الصفات الطبيعية الأسس الحقيقية للعداء، إنما هي مجرد رموز اختيرت بطريقة اعتباطية لتلائمه. فالعناصر ليست كالأنهار تجري مياهها في مجار معينة، إنما هي كالتيارات أو الدوامات في مجرى مائي واحد يتبادل فيها كل واحد ما يحمله ويمتزج ماؤه بالمياه الأخرى بصورة مستمرة. هذه هي حال جميع مناطق العالم التي هجنت واختلطت فيها عناصر عدة بشكل قوي متكرر. فما كان أي واحد من العناصر ولا هو الآن ولن يكون في المستقبل نقيا أبدا.

ads after content
الإشهار 3
شاهد أيضا
الإشهار 4
تعليقات الزوار
جاري التحميل ...
الإشهار 5