الاقتصاد العالمي بين الحقيقة والواقع

الاقتصاد العالمي بين الحقيقة والواقع
العرائش أنفو

في زمن تحوّل فيه الاقتصاد إلى سلاح ناعم، تُخاض به الحروب دون دماء، يرى كثيرون أن ما يشهده العالم اليوم ليس إلا حربًا عالمية اقتصادية مفتوحة، تتجاوز التصريحات النارية لترامب وشركائه في عالم المال والأعمال.
لكن الواقع على الأرض لا يعكس دائمًا هذه الصورة. فالمواطن البسيط، الذي حلم يومًا أن يصعد سلّم الرأسمالية، وجد نفسه أسير أطماع لا تنتهي، يطارد وهمًا لا يُمسك، حتى بات يعشق حياة الغاب، حيث لا مكان للضعفاء ولا للعدالة.
وبين هذا وذاك، هناك من اختار طريقًا مختلفًا تمامًا.
الهدوء في زمن العواصف
في زاوية أخرى من هذا العالم الصاخب، يعيش أناس لا تعنيهم مؤشرات السوق، ولا تستهويهم لغة الأرباح والخسائر.
هم أولئك الذين قرروا أن يتعايشوا مع الحياة ببساطتها، دون أن يُثقلوا أرواحهم بالركض خلف أحلام مستعارة.
هم لا يتأثرون بصعود الدولار أو هبوط البورصات، لأنهم ببساطة لا ينتمون إلى هذا السباق.
إنهم يعيشون في زمن “النفاق الكلي”، حيث تتبدل القيم وتُباع المبادئ بثمن بخس، ورغم ذلك، يظلون أوفياء للحقيقة، لا لأنهم ضعفاء، بل لأنهم أقوياء بصمتهم.
هؤلاء لا يسعون إلى التغيير عبر الصراخ، بل يغرسون بذور الوعي في صمت.
لا يحاربون العالم، لكنهم لا يسمحون له بابتلاعهم.
يعيشون في مساحتهم الخاصة، حيث السكون حكمة، والبساطة فلسفة، والرضا موقف.
من أجل الأجيال القادمة
هم لا يعيشون لأنفسهم فقط، بل من أجل الأجيال القادمة.
يحمِلون بذور الحكمة في زمن العتمة، ويسقونها بالصبر، حتى تنبت يومًا على ضفاف المستقبل شجرةً من نور.
إنهم الجذور التي تثبّت الأرض حين تشتدّ الرياح، والظل الذي يحمي من لهيب التحولات.
في عالم تتغير فيه الحقائق وتتقنّع فيه الوجوه، قد يبدو هؤلاء منسيّين، أو خارجين عن المعادلة.
لكن في الحقيقة، هم المعادلة نفسها…
هم جوهر الحياة حين تنسى الحياة معناها.
السلام ليس هروبًا من الواقع، بل فنّ العيش فيه دون أن يفقد الإنسان نفسه.
أمين أحرشيون