حديث الشموع
العرائش أنفو
حديث الشموع
بقلم المصطفى سكم
يطول الصمت في أعماق يم يهجر الذات كلما غابت نوارس العمر تبحث عن أرخبيل مفقود حيث عاشقة اللازورد ، رافضة المدينة
أعود أعانق موجا بح هديره نهارا وقد مسح وجه المدينة ليلا.
كيف أفارقه وهو يحمل كل أسوار كينونة ما انفكت تلهث وراء معنى الوجود وحقيقة العلاقات فيما وراء الامتداد اللامتناهي ، التكثيف الزمني لأنا مشروخة تنظر لظلها على مرآة واقع منفلت منها.
هل حقا تسعف الذاكرة في منح الذات هويتها المفقودة؟
هل حقا في الارتماء في ما سيأتي من أحلام اليقظة أو من آمال المتفائل أو أوهام الطاووس ما يمنح الذات شرعية إرادة الحياة ومعنى الوجود هاهنا والآن وللأبد؟
تتسكع الذات على هامش عالم أدار ظهره للشاعر قبل أن يسكن قصيدة وللأبد على ضوء شموع تحترق منتظرة طلقة الوجود.
أن تفنى في قصيدة قائمة الوجود بالقوة مستعصية على الانسكاب في الحروف ، ذاك ما يمنح الشاعر وجوده الحقيقي. ماعاد هذا العالم يهمه وقد صيرته التقنية رقعة شطرنج دامية لا تسمع فيها إلا سياط الملوك ، دسائس الأميرات، عبثية الحمقى، اشتعال الصوامع واستسلام العبيد تحت قيادة عقل تنكر لقلبيه
أليس للعقل قلب يخفق به حين تعجز كل تكتيكاته أمام استراتجية ممشاها الحب الكوني في تعاليه وتجرده وديمومته.
قلب الشاعر نافورة ماء الحب الزلال ، يتدفق بضخات الأنين ورائحة الاحتراق.
روحه من ماء ونار في انصهارهما
كطفلة سئمت حديث أمها مع عاشق تنكر لرجولته، يعلو بكاؤها، مصرة على الهروب من عتمة النهار والارتماء في عوالم الليل وحيدة حيث يتحول الشاعر والحكيم والحلم إلى شموع تضيء أنوارها الوهاجة دهاليز ذاكرة مفقودة دست أسرار اللغة وتجليات اللايقين ومكامن الحقيقة ؛ تأبى الانعتاق من أسر الخوف وظلم المدينة المنتشية بكرنفال الأقنعة ولعبة الاختفاء والتجلي.
خادعة هي اللغة ؟ أليس النور الوهاج احتراقا؟
تجيب الشموع : من الاحتراق نوري ، ألج به حصاد منيرفا ولغات الكتب المقدسة وآليات اشتغال أحلام الذات الفردية والجماعية تمارس كل أنواع التكثيف والقلب والتحويل ، في لوحة فنان عصابي فار من شذرات نتشه تتمايل عل إيقاع موسيقى فاغنر أو من أحضان هيلين ريتمان وقد حدست مصيرها الحتمي. سيان ؛ حين تغترب الذات في أسمالها محملة بحقائب أسفارها الثقيلة على ممشى الموت.
الشاعر شمعة
الحكيم شمعة
الفنان شمعة
في تلاقيهم وهج نور الوجود، دفء الوجدان، أحلام اليقظة المتأملة، مقاومة وانهزام العتمة
يتأملون حالمين في وجود التعالي عن شراك الوهم وفخاخ الإيديولوجيا، الوجود الممكن الموحد للعوالم المتعددة
في طلقة الوهج البدئي الخافت للشمعة، تحرص تأملات الشموع الثلاث رعاية الفكرة في انبتاقها* فما أسهل ولادة اللهب وما أسهل موته *
ما أشد ريح المنطوقات حين تكون مرآة عاكسة للأشياء، تضيع المعاني.
ما أتعس الفنان حين يصاب بعمى الألوان، تضيع الرؤية
ما أتفه صورة الحكيم في صورية نسقية الأفكار، تضيع التأملات.
على الشمعة أن تقذف نفسها في النار، أن تزداد اشتعالا، احتراقا…تزداد توهجا كنظرات عاشقين ينتشيان برحيق معتق حول نورها
كتوحد رامبرانت مع الفيلسوف في ارتقائه بفكرة تأبى العتمة داخل دهليز الجسد والنفس السجينة
التحليق خارج الدهاليز شرط حرية الإنسان ووجوده الإنساني. تلك وصية ديوجينأوقظوا الشموع حتى في واضحة النهاروتحت شمسه المحرقة.
ا